من خلال الاشتغال على نماذج من أعمال: نجيب محفوظ، واسيني الأعرج، رضوى عاشور، البشير خريّفس، بنسالم حميش، عبد الواحد براهم، حاول مؤلِّف هذا البحث دراسة علاقة الرواية بالتاريخ، بوصفها قد مثَّلت أُفُقًا لإنتاج شعرية الخطاب السردي، واتُّخِذت إطارًا لتشكيل جماليات لغته وبِنياته النصيّة في إيحاءاتها الدلالية والفكرية العميقة، فتجسَّم ذلك في استلهام سردي شعري ومتخيّل للكتابة التاريخية، يرمّم الذاكرة الجماعية، عبر رتْق ما سكتت عنه مصادر التاريخ، ويعيد كتابتها، كما يعيد بناء العلاقة مع الآخر.
ولئن قُدِّمت -سابقًا- دراسات كثيرة في هذا الموضوع، فإنَّ ما يطمح إليه هذا البحث يتمثَّل في رصد أشكال حضور الهويّة وأساليب كتابة الذاكرة، عبر إنتاج شعرية الخطاب السردي، وتخييل أحداث التاريخ. ذلك أنَّ الروائي حين يستدعي التاريخ، يقوم بخرق قانون مطابقة الخبر للواقع الذي يتمسَّك به المؤرِّخ، ويتجاوز التفسير والتعليل، إلى تشييد وعي جديد بنسق حركة التاريخ في كلِّياتها، يأتي بدل الوعي الانشطاري بالكيان والذات والهويّة.