في هذه الدراسة النقدية حاولنا دراسة الإنشائية الروائية -من خلال نموذجي «السد» للمسعدي و«الشحاذ» لمحفوظ- من خلال الأدوات المفهومية للفن التشكيلي في بعديه الكلاسيكي والحديث، ومن خلال مصادرات ونواميس المعمار والسينوغرافيا. فأثبتنا تواشج فنون الرواية وتعالقها مع مسارات الفن التشكيلي. فحاولنا تصنيف رواية «السد» الممسرحة، أي المبنيّة سينوغرافيًّا، وفقًا لثوابت الفن التشكيلي الكلاسيكي من بنى منظورية وهندسية تخضع لقوانين العدد الذهبي وما تبعه، فـ«السدّ» أثر قد قُدّ في منهج الكلاسيكيين في مستوى البنى والقضايا والشخوص، وخاصة في مستوى تصور إطاري الزمان والمكان. أما رواية «الشحاذ» فقد عثرنا في شأنها، في مستوى مضامينها وتلاطم أحداثها وتداخل أزمنتها وأماكنها وطبيعة حبكتها الدرامية، على معادل تشكيلي وهو ثورة الفن التشكيلي الحديث، إذ يقوم الفضاء على التشظي وعلى الشعشعة اللونية. فيحلّ المنثور بدل المنظور، والتوتّر بدل التواتر، والتناثر بدل التناظر، والتجريد بدل التجسيد. هذه الدراسة حاولت رصد هذا التواشج بين إنشائية فن الرواية ومنطق فنون التشكيل.