تتناول هذه الدراسة مسألة تمثيل الواقع في السرد بصفة عامّة، وذلك عبْر إبْراز كيْف أنّ العالَم الروائيّ المتخيَّل بإمكانه أنْ يعكس واقعًا معيّنًا ويستجيب بوسائله الخاصّة لحاجيّات الإنسان الفرديّة والجماعيّة. كما حاولت البرهنة على أنّ الرواية التاريخية الجديدة، المكتوبة بوعيٍ جماليٍّ وإيديولوجيٍّ جديد، تدفع القارئ دفْعًا إلى التفكير وطرح الأسئلة وإغناء معارفه حول الماضي والحاضر في آنٍ. ورغْم أنّ الأمْر يتعلّق بسيرورةٍ تخييليّة، فإنّ بعض الأحداث والشخوص والوقائع، الواردة في الروايات التاريخيّة، تكونُ حقيقيّة ومنْتمية إلى المعرفة الإنسانيّة. بهذا المعنى يكون الماضِي التّاريخيّ، في النصوص الرّوائيّة التخييلية، بمنزلة تذكيرٍ أو اكتشافٍ أو استيحاءٍ. وبِصَرْفِ النّظر عن الأحداث التاريخية الدالة، فإنّ قارئ النصوص الروائية التاريخيّة يقترب، من خلال العَالم المُتخيّل، من أمكنة وأسماء بعيدة، إنْ في الاتّجاه الزّماني أو في الاتّجاه الفضائيّ. وهذه الأمْكنة تظلّ مجرّد معالم جغرافية، إلى أنْ تدخل في حركيّة قصصيّة لتحدّثنا عنْ ماضيها الخاصّ.